بسم الله الرحمن الرحيم
نعرض هنا مجموعة من القصص النفسية ، وهى ليست من وحى الخيال ولكنها من واقع حالات المرضى التى أقابلها فى العيادة النفسية ...أبطالها أشخاص مثلى ومثلك ولكنهم يعانون فى مجال الحياة من الآلام النفسية . وقد تم تحوير بعض وقائع تلك القصص لكى يتم التمويه على شخصيات المرضى الحقيقيين. وقد عرضت هذه القصص ليس لمجرد التسلية ... ولكن لإظهار علامات المرض النفسى ، وبعض معاناة المرضى النفسيين ... وكذلك لشرح بعض الأمراض النفسية وعلاماتها وطرق علاجها
وقد سردت هذه الحالات كذلك لكى يعلم المرضى أنهم ليسوا وحدهم فى مجال المعاناة ... فربما كنت أنت أيضا تعانى من بعض علامات المرض وتحس وتشعر انك الوحيد الذى يعانى من تلك الأعراض و العلامات ... بل وربما تشعر بالكثير من الحيرة والخجل من تلك الأحاسيس والأعراض ... ولكنك لست وحدك ... فكلنا يعانى مثلك فى مسرح الحياة من اجل الوصول للاستقرار والطمأنينة النفسية ، وهى من أعلى الدرجات النفسية التى تعطى الإنسان الإحساس بالرضا
الشباب هم أمل الحاضر وكل المستقبل
والشباب هم مستقبل الأسرة وهم أملها في مستقبل أفضل
ويمر الشباب في مراحل النمو المختلفة بالكثير من التغيرات النفسية والجسمانية بداية من مرحلة الطفولة مرورا بمرحلة المراهقة التي تنتهي ببلوغه سن الرشد0 ومرحلة المراهقة هي فترة انتقالية يتوق المراهق خلال هذه الفترة إلى الاستقلال عن أسرته والى أن يصبح شخصا مستقلا يكفي ذاته بذاته0 وفي بلادنا يتراوح سن المراهقة بصورة عامة بين الثالثة عشرة ونهاية الثامنة عشرة0
ومن أهم مشاكل المراهقة هي حاجة المراهق للتحرر من قيود الأسرة والشعور بالاستقلال الذاتي 00 وهذه المشكلة هى السبب الرئيسى في معظم الصراعات التي تحدث بين المراهق وأسرته000 ومن أمثلة تلك الصراعات الصراع في حرية اختيار الأصدقاء 00 وطريقة صرف النقود أو المصروف 000 ومواعيد الرجوع إلى المنزل في المساء 00 وطريقة المذاكرة ومشاكل الدروس الخصوصية 00 وطريقة اختيار الملابس وقص الشعر 00واستعمال سيارة الأسرة فى سن مبكر وبدون وجود ترخيص القيادة 00 وأمور أخرى 0
إن كلا من الأسرة والأبناء يجب أن يعترفوا بوجود هذه المشاكل الطبيعية حتى يستطيع الجميع التكيف معها وان يبذلوا جهدهم ويغيروا سلوكهم حتى يتجنبوا الصدام العنيف والوصول إلى بر الأمان حتى يسود الأسرة جو من المحبة والطمأنينة 0
وتدل الكثير من الدراسات والبحوث التي أجريت حول مشكلات المراهقة ومعاناة الشباب أن أكثرهم يعانون من فجوة الأجيال التي تتسع تدريجيا والتي يزداد اتساعها يوما بعد يوم ، بين ما يقومون به من أعمال وبين توقعات آبائهم فيما يجب أن يمارسونه فعلا بما يتفق مع معاييرهم الأسرية 0
وتشير الدراسات إلى أن 95% من الشباب يعانون من مشكلات بالغة يواجهونها عند محاولتهم عبور فجوة الأجيال التي تفصل بين أفكارهم وأفكار آبائهم 0
وتدل الدراسات أيضا أن أبرز ثلاث مشاكل يعاني منها الشباب في نطاق الأسرة- بناء على نتائج قياس حاجات التوجيه النفسي - مرتبة حسب درجة معاناتهم منها هي :
صعوبة مناقشة مشكلاتهم مع أولياء أمورهم0
صعوبة إخبار أولياء أمورهم بما يفعلونه 0
وجود تباعد كبير بين أفكارهم وأفكار أولياء أمورهم 0
ومن ثم يلجأ الشباب ،ولاسيما الذين لا يجدون من يسمعهم أو يصغي إليهم لمساعدتهم على حل مشكلاتهم التي يعانون منها ، إلى بعضهم في نطاق جماعة خاصة بهم يكونونها على أمل مساعدتهم في إيجاد حلول مناسبة لها ، وتخليصهم من المعاناة التي تؤرقهم بسببها 0 لذلك نجد كل فرد في سن المراهقة يحرص كل الحرص على الانضمام إلى جماعة من الرفاق تشبع حاجاته التي فشلت الأسرة في أشباعها0
إن فترة المراهقة هى من أصعب المراحل التي يمر فيها الفرد لأنه قد يتخبط بين محنة وأخرى أثناء محاولته تحديد هويته وتأكيد ذاته بين المحيطين به والمخالطين له ولا سيما أعضاء أسرته الذين قد يخطئون في تفسير خصائص نموه العضوي والانفعالي والاجتماعي 0 وقد يلجأ أفراد الأسرة إلى أساليب غير تربوية في رعاية المراهق الذي ينشأ بينهم حيث تعمد إلى النقد واللوم أو التوبيخ ، أو التهديد والوعيد بسبب سلوكياته التي تبدر منه ولا ترضيهم ، دون أن يحاول أي منهم مساعدته على تعديلها أو تبديلها بما هو أفضل منها ، مما يتسبب في النيل من كرامته وجرح مشاعره وطمس معالم هويته ، لذلك يجد المراهق سلوكياته دائما مرفوضة في رؤية الآباء ، بينما يجد سلوكيات أقرانه المماثلة لها مقبولة في رؤية الرفقاء ، مما يجعله يميل إليهم من أجل اكتساب الاعتراف بذاته في إطار جماعتهم
*****
وقد جمعتني جلسة مع مجموعة من الشباب وأسرهم في أحد الأندية حيث دار الحوار الديمقراطي التالي وشارك فيه عدد من الشباب من الجنسين وشارك فيه كذلك عدد من الآباء والأمهات وحاول كل فرد ان يدلو بدلوه في المناقشة وكان الموضوع يدور حول مقارنة الأجيال السابقة والحالية وصراع الأجيال المستمر
وبدأ المناقشة شاب في سن العشرين 0
يا دكتور الآباء دائما يتكلمون عن أيام زمان ويترحمون على تلك الأيام ... أيام الخير والاحترام في نظرهم حيث يحترم الابن أبيه ويستمع لكلامه ويوقره 00 وان العصر الحالي هو عصر الشر والبلطجه 00 عصر المخدرات والجريمة 00 هما نفسهم أننا نرجع لأيام زمان00 أيام التخلف والعلاقات الذائفه 00 هما مش عارفين ان الدنيا تقدمت وان ما كان يحصل في عصر البخار لا ينفع في عصر الكومبيوتر والإنترنت 00 الدنيا تقدمت 0
وهنا قاطع أحد الآباء الحديث0
ايوه إحنا عوزين نرجع لأيام زمان 00 عصر الاحترام والأخلاق.. التقدم والكومبيوتر والإنترنت لا يغني عن الأخلاق والفضيلة 00 زمان مهما تقدم الإنسان وحصل على أعلى الشهادات العلمية كان عندما يرجع للبيت ويقابل والده كان يقبل يده00 تقبيل اليد ليس تخلف أو ضعف ولكنه احترام وتقدير 00 التقدم العلمي لا يتعارض مع الأخلاق 0
وتدخلت إحدى الأمهات في المناقشة :-
يا دكتور الدنيا لم يعد فيها خير 000 كل يوم نسمع في الجرائد عن الحوادث الفظيعة00 ابن يقتل أبوه00 شاب يلقي بأمه في الشارع حتى يأخذ الشقة ويتزوج فيها 00 شاب يقتل أخوه لينفرد بالميراث 00 شاب يسرق أهله لينفق على الإدمان 00 الجريمة انتشرت ولم يعد هناك أمل في هذا الجيل من الشباب 00 جرائم لم نكن نسمع عنها زمان 00 زمان لم يكن الإنسان يستطيع أن ينظر إلى والده 00 كانت مجرد نظره من الأم أو الأب تكفي لكي يرتدع أي انسان0
وهنا ردت إحدى الفتيات بانفعال :
يا جماعة أنتم كأنكم تتكلمون عن الجيل السابق وكأنه مجموعة من الملائكة وان الجيل الحالي هو مجموعة من الجن أو الشياطين 00 كأنكم كنتم تعيشون في واحة من الأمن والامان وأن كل شىء كان على ما يرام00 أو كأنكم كنتم تعيشون في عالم مثالي أو في " المدينة الفاضلة" وكأن الجميع كانوا من الملائكة 00 الجريمة موجودة في كل جيل وفي كل مكان 00 ألم يخلق الله الخير والشر00 ألم يقتل قابيل هابيل في أول الحياة على الأرض وهم من أبناء نبي من أنبياء الله 00 أذن الحوادث التي تتكلمون عنها كنت موجودة في جميع الأوقات وعلى مدى الأجيال ولا تصم هذه الجرائم هذا الجيل ولا تدينه 0
ورد أحد الأباء:
ولكن على أيامنا كانت العلاقات يشوبها الكثير من الاحترام 00 لقد كنا نعامل مدرسينا وأساتذتنا باحترام00 لم نكن نسمع عن طالب يعتدى على مدرسه بالضرب أو السب 000 كان المدرسين قدوه أمام الطلبة 00 كان الآباء لهم الاحترام الخاص بهم000 لم يكن هناك طالب يستطيع أن يدخن أمام والده أو مدرسه 000 اصبح الاحترام مفقود بين أفراد المجتمع
ورد أحد الأبناء بسخرية:
الاحترام يحدث عندما يحترم كل منا نفسه 00 إذا كان المدرس أحيانا يستلف السجائر من طلبته 00 وإذا كان المدرس لا يؤدي عمله في المدرسة ولا يقوم بالتدريس بأمانة من أجل أن يعطي للطلبة دروس خصوصية 00 إذا كان المدرس يقوم بتبادل النكات الخارجة مع الطلبة 00 هل هذا إنسان يستحق منا الاحترام00 الاحترام والتقدير لا يناله إلا من احترام نفسه وأدي عمله بجد واجتهاد 000 الكل الآن يعطي د0احمد زويل كل التقدير والاحترام لا بحكم سنه أو ثروته أو وظيفته ولكن يحكم نبوغه وعمله000 إذا احترم المدرس نفسه وأدى واجبه فلن ينال منا إلا كل احترام 00 أما إذا استخدم سلطته ووظيفته في فرض وصايته على الطلاب فلن ينال أي احترام أو تقدير 0
وردت إحدى الأمهات بهدوء وثقه :
كلامك سليم يا أبني 00 الاحترام والتقدير لا يفرض ولكي يناله الشخص الذي يعطي 00 الرسول عليه الصلاة والسلام وضع لنا القاعدة السليمة في التعامل بين الكبار والصغار حتى ينال كل إنسان حقه الطبيعي في الحياة 000 لان الصغير اليوم سوف يكون المسئول والكبير في المستقبل وعندئذ سوف يطلب حقه في الحصول على الاحترام والتوقير المناسب 000 ولذلك فان من لم يؤدي واجبه اليوم فلن ينال حقه في الغد 00 الرسول (ص) قال " ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويعطف على صغيرنا " 000 صدق رسول الله وموضوع الصراع بين الأجيال موضوع قديم 000 يجب ان ننظر إلى هذا الأمر من زاوية أخرى أن هناك اختلاف ما بين الأجيال وليس صراع 0
وهنا قاطع أحد الشباب المناقشة وقال:
ولكنه يا دكتور بالفعل صراع 00 أبي دائما يتحدث بسخرية عن طريقة اختياري للملابس وطريقة حلاقتي لشعري 00 هو عاوز يفرض آراؤه على 00 عاوزني البس واحلق على الموضة القديمة00 يا دكتور كل وقت وله آذان 00 إذا كان علي الموضة أنا كنت أشاهد فيلم من أفلام الستينيات ووجدت الموضة آخر مسخرة 00 البنات كانت تلبس الميكروجيب والأولاد كانوا يرتدون ملابس تضحك 000 أما عن الشعر فقد كانت شعورهم منكوشه 00 السوالف كانت تصل إلى الرقبة 00 كان الكل يسير على موضة العصر اللى كانوا عايشين فيه000 أما الآن فان أبي يطالبني بالا أساير الموضة 00 يعني هو عاوزني أسير على أي موضة 00 اعمل سوالف وانكش شعري علشان ينبسط 0
وتدخل في المناقشة شاب آخر :
والدي عاوز يحقق أحلامه في 00 دائما يقول لي ذاكر 000 أظل طوال الوقت أمام الكتاب وإذا قمت لبعض الوقت حتى استريح من المذاكرة وتصادف أنه رجع من الشغل فانه يعطيني درس طويل في أهمية إتقان المذاكرة وان إتقان العمل عباده 00 إذا حاولت ان أرد عليه يقول لي بلاش جدال ، ولا يستطيع الاستمرار في المناقشة 00 ويدعي أنه يعود من العمل متعب ويحتاج للراحة000 هو نفسه ان أكون مهندس مثله 00 أنا عاوز أكون نفسي واختار طريقي بنفسي0
وتدخل في المناقشة رجل بدت عليه سمات الوقار وبدأ من كلامه انه رجل مثقف وحكيم 0
ليه نسميه صراع 00 لماذا لا نسميه تطور الأجيال أو تواصل الأجيال000 التطور سنه الحياة00 لا نستطيع ان نعيش أسري للماضي 000 هناك في الحياة ثوابت وهناك متغيرات .. الدين وفضائل الأخلاق والأعمال من ثوابت الحياة أما التقدم العلمي والموضة فإنها من المتغيريات00 نحن في سبيل التقدم لا نستطيع ان نتخلى عن المبادئ والقيم التي تعلمناها من الدين 00 وما كان ينفع في الماضي قد لا يكون صالحا في الحاضر أو المستقبل 00 لا يستطيع أي جيل ان يفرض على الجيل التالي له مفاهيمه وعاداته 00 كل جيل وله طرقه في الحياة ولكن القيم باقية وثابته 00 يجب ان يكون هناك تكامل بين الناس وتطور لنظم الحياة 0
وهنا تدخلت في المناقشة حتى أستطيع اشتراك عدد اكبر من الشباب 0
- ولكني أعلم من خلال عملي في الطب النفسي ان هناك صراع أو لنقل احتكاك ما بين الأجيال أو حتى في الجيل الواحد من الشباب000 جدال في الأسرة بين الآباء والأبناء 00 مناقشات واحتكاكات بين الأبناء وبعضهم 00 إذا هناك مشاكل حتى بين أبناء نفس الجيل 00 أذن القضية ليست فقط صراع أجيال ولكنها قضية صراع ومعاناة الناس في كل الأزمان والأجيال
وتدخلت إحدى الشابات وكانت تجلس في ركن بعيد في المناقشة وقالت :
- يا دكتور 00 كلامك صحيح إحنا في البيت كل يوم مشاكل ومناقشات واحتكاكات لا تنتهي 00 أخويا عاوز يفرض رأيه على بالقوة رغم أنه أصغر مني في السن0
مشاكل الأبناء في الأسرة من المشاكل التي نسمع عنها باستمرار - مشاكل بين الأخ واخيه00 مشاكل بين الأخ وأخته الكبيرة أو الصغيرة 00 مشاكل أثناء مشاهدة التليفزيون 00 البعض يفضل الأفلام العربي والآخر يريد الأفلام الأجنبية كذلك المشاكل على من يرد على التليفون ومن يفتح باب الشقة مما يؤدي إلى الكثير من الشجار والمنازعات 0 هناك دائما مشاكل للشباب في سن المراهقة 00 لان المراهقة هي المرحلة الانتقالية بين الطفولة المتأخرة والنضج 00 وهي مرحلة الفطام النفسي بين السلطان الفردي للأب و الأم والمدرسة إلى سلطان الجماعة .. وفي أثناء هذه المرحلة تحدث للشباب الكثير من التقلبات المزاجية الواضحة مع عدم الثبات في العاطفة والتذبذب في المعاملة والاضطراب في الانفعال 00
ويجب على الأسرة أن تدرك طبيعة هذا الموقف وأنها حالة مؤقتة وليست نوعا من التمرد على السلطة والخروج على القانون أو التعبير عن السخط والعصيان 00 ويجب ألا تلجأ الأسرة إلى استعمال أساليب عقابية قاسية قد يراها المراهق انتقاصا من كرامته أو اعتداء على حريته فيرد عليها بالمثل ويزيد في هذا الاتجاه العدائي 0
وقاطع أحد الأباء الكلام ووجه سؤال للحاضرين :
أريد ان اسأل سؤال 00 لماذا يقلب أبني أي جلسة أسرية إلى نكد00 حتى في أعياد الميلاد دائما تنقلب الجلسة إلى خناقه 00 طلباته لا تنتهي 00 دائم الشجار مع أخوته 00 آخر طلباته أنه يريد أن اشتري له تليفون موبيل مع أنه طالب ثانوي !
وتناولت إحدى الأمهات خيط الحديث وقالت :
نفس الموضوع عندي 000 ابني دائم العناد 00 يتشبث برأيه حتى لو كان على خطأ 00 دائما يريد فرض رأيه ولو بالقوة 00 لا يعطي الوقت الكافي للمذاكرة 00 يعيش دائما في أحلام اليقظة ويرغب ان يكون رجل اعمال00 عنده عقده كونه الابن الأصغر 00 دائما يتهمنا أننا لا نحترم رأيه ولا نشركه في المناقشة يرد بكلمة " أنتم مش فهمني" 0
ورد أحد الشباب بحده :
أنتم الكبار دائما كده 00 كل مناقشة تقولون أننا في مرحلة مراهقة وأننا عندما نكبر سوف ندرك ونكون اكثر حكمه 00 يا دكتور كلمة مراهقة دي تضايقني 000 أهلى كل ما أتكلم معهم يقولوا لي أنت مراهق 00 هل هناك مرض اسمه مراهقة ؟0
كلمة المراهقة علميا تعني التدرج في النضوج 00 وهذا ما يحدث فعلا على جميع المستويات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية.. ومرحلة المراهقة تمثل فترة أساسية في حياة الإنسان 00 فهي فترة تعلم واقتباس المعايير الاجتماعية في حياة الفرد من المحيطين به وممن يحبونه . ومن ابرز مشاكل المراهقة وأكثرها وضوحا:-
-الاعتداد الشديد بالنفس والمبالغة في تصوراته وسلوكه0
-الميل للتحرر من قيود الاسرة0
-الشوق للاستقلال المفرط في اختيار الأصدقاء والملبس والمظهر والسلوك
-الميل إلى تكوين مجموعة الأصدقاء (الشلة) والتوحد معها والاعتماد عليها
وقاطعت الأم الحديث مرة أخرى :
يا دكتور أنت لم ترد على سؤالي عن ابني 00 موضوع العناد والتشبث بالرأي00 هل له علاج ؟
إذا أدركنا معنى أن الابن يمر بمرحلة المراهقة وانه في هذه المرحلة في صراع مستمر بين عدة قوى داخلية تؤثر عليه 00 صراع بين الاستقلال من الأسرة والاعتماد عليها 000 صراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة 000 صراع مستمر بين طموحه الزائد " أريد أن أكون رجل أعمال مهم "00 وبين قصوره الواضح " لا يرغب في أداء الواجبات الدراسية " 00 الصراع الجنسي بين غرائزه الداخلية وبين التقاليد الاجتماعية والضمير 00 الصراع الديني بين ما تعلمه من شعائر ومبادئ وهو صغير وبين تفكيره الناقد الجديد وفلسفته الخاصة للحياة ، وأخيرا الصراع الثقافي بين جيله الذى يعيش فيه بما له من أراء وأفكار ومبادئ ومثل والجيل السابق في الآراء والأفكار 0 إذا أدركنا هذا الصراع ومدى تأثيره على نفسية الشباب وإذا تفهمنا وجود هذا الصراع وتعاملنا مع هذا الموقف بحكمه ومحبة لاستطعنا ان نعبر هذا الصراع بيسر وبدون وجود صدام ولتغلبنا على مشكلة العناد والتشبث بالرأي التي تعاني منها الأسر من خلال معاملتها مع أبنائها من الشباب 0
وقطع الشاب المناقشة مرة أخرى وقال :-
يا دكتور الموضوع مش موضوع عناد00 الموضوع موضوع رأي 00 هل فرض الرأي بالقوة وبالإجبار طريقة من طرق التربية الحديثة 00 أبى دائما يقطع أي مناقشة معي ويقول لي ان رأيه هو الرأي السليم 00 وأنه ذو خبرة في الحياة 00 وان رأيى ينقصه الخبرة00 ولكي أنا حاسس إن رأيي في كثير من الأحيان يكون أفضل من رأيه ، وأنا عندي خبرة في كثير من الموضوعات أحيانا لا يعرفها هو0
الكثير منا يحس أن لديه الخبرة والعلم لحل كثير من أمور الحياة 00 إذا جلس أي فرد منا في مجلس من المجالس يجد أن الناس لديها حل لكثير من مشاكل الحياة 00 أضرب مثلا مشكلة المرور 000 كل فرد فينا عنده الاعتقاد بأنه لو ترك له الأمر لاستطاع بالكثير من السهولة واليسر حل هذه المشكلة ببعض الإجراءات البسيطة 00 ولكن إذا تركنا له الأمر فعلا فأنه سوف يدرك ان هناك بعض الأمور تحتاج للكثير من الخبرة والعلم والإدراك حتى تحل 000 الخبرة لا تأتي نظريا ولكنها تأتي مع ممارسة الحياة 000 الخبرة تحتاج إلى دراسة وعلم + ذكاء + ممارسة 000 اضرب لك مثل أخر 00 الطيار يتم تدريبه في الكثير من الأحيان على قيادة الطائرات والتحكم فيها على جهاز المحاكاة SIMULATOR وهو جهاز يضع الطيار في ظروف أشبه بظروف الطيران والحرب 000وأحيانا يضع هذا الجهاز الطيار أمام مواقف وأحداث تشابه تلك التي يقابلها في ظروف المعارك العسكرية 00 ولكنه عند الممارسة الحقيقية للحرب أو القتال نجد أن الكثير من الطيارين قد يصابوا ببعض الارتباك في بداية الأمر حتى يكتسب الخبرة مع القتال 00 ان التعلم شئ والممارسة الواقعية تحت ظروف الحياة وتوتراتها شئ أخر 0 ومثال ثالث لاعب الكرة الذي تدرب على تسديد ضربة الجزاء في التدريب 000 نجده في الكثير من الأحيان يخفق في تسديدها وتسجيل الجون أثناء المباراة خصوصا تحت ظروف التوتر أمام آلاف الجماهير 000 إن تكرار الممارسة في الحياة الطبيعية هو الذي يعطي الخبرة0 0000 الخبرة لا تأتي نظريا فقط ولكنها تحتاج للممارسة والى الوقت ، ولذلك فأن الشركات الكبرى حين تضع شروط اختيار الموظفين الجدد تشترط وجود الخبرة وان يكون الموظف قد امضى عدة سنوات في هذا المجال0
ولكن يا دكتور هل هناك أساليب نفسية حديثة في التغلب على مشاكل المراهقة؟
من أهم أساليب علاج مشاكل المراهقة هو الأسلوب الوقائي حيث يتمثل في الابتعاد بالمراهق عن الملل واللجوء إلى أحلام اليقظة والانطواء على النفس وطغيان الدوافع الجنسية الغريزية ويجب خلق نشاطات توظف من أجل تحقيق هذه الأهداف التربوية العامة من خلال شعوره بالتقدير الاجتماعي وتقدير حاجته الدائمة إلى الانتماء إلى الجماعة وتفهم رغبته في المخاطرة وحب الاستطلاع 0
كذلك فان الجانب الروحي في حياة المراهق موضوع حيوي وخطير ونجد أن الإسلام وضع لها العلاج الأمثل والحل السليم ، وما مرحلة المراهقة إلا جزء من تكوين الإنسان طفلا ثم مراهقا ثم راشدا ثم كهلا 0 والإسلام لم ينظر إلى كل مرحلة من هذه المراحل على أنها مشكلة ولذلك نجد أن مرحلة المراهقة ليست خطيرة وليست بالأمر الصعب في نظر الإسلام حيث إذا صلحت أمور الأسرة صلح المجتمع كله 0
ومن أساليب التربية الإسلامية الوعظ الطيب والإرشاد المؤثر بالكلمة الصادقة التي تخاطب الوجدان مباشرة { قل ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } على أن يكون الداعية قدوة حسنة في سلوكه 0
والعقاب ينبغي أن يكون معنويا وليس بدنيا بالصورة التي تلحق الضرر البدني أو الألم النفسي كما أن اختيار الأصدقاء عامل مهم في الحفاظ على طاقة الشباب وقيمه " مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير" 0
إن علاج مشكلات المراهقة يهدف في النهاية إلى علاج نفسي جماعي ، يهدف إلى تحقيق التوافق الاجتماعي بين المراهقين حيث تكون فرصة المناقشة والمعاملة دعوة صريحة للتعلم وازدياد الثقة بالنفس للوصول إلى الصحة النفسية السليمة 0
وأخيرا فأنه مع إعطاء المزيد من الوقت للابناء000 ومزيد من التفهم والتفاهم والحب والصداقة ، نستطيع أن نصل إلى الحل السحرى لمشاكل الشباب