من أغرب ما يعرف عن أهل النار من أحوال في غاية العجب أن يخطب فيهم إبليس خطبة من أبلغ الخطب ، وأفصحها ، و أشدها أثراً ووقعاً في نفوس سامعيها أقمأهم الله وإياه سوء الخاطب والمخطوب ، فقد يُنصب لإبليس منبر من نار فيرقاه فيخطب أهل النار ، فيزيدهم في كربهم ، وطول محزنهم ، وشدة إبلاسهم ، وذلك لما يكسبهم خطابه من الندامة الممضة ، والحسرة القاتلة ، وقد سجل القرآن الكريم هذه الخطبه الإبليسية فلنستمع إليها كما جاءت في سورة إبراهيم عليه السلام : (( وَقَالَ الشيطنُ لما قُضىَ الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما أنا عليكم بسُلطان إلآ أن دعوتكم فاستجبتم ليِ فلا تلُومُوني ولومُوا أنفسكم مآ أنا بمُصرخكم ومآ أنتم بُمصرخي إني كفرت بمآ أشركتون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم )) ( ابراهيم : 22 ) .
درجة الحرارة في جهنم
لن نستطيع أن نقدر حر نار جهنم بأيه نسب من النسب التي يعرفها الناس اليوم ويقول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم : (( ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم . قالوا إن كانت لكافية يا رسول الله ، قال : فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها )) متفق عليه واللفظ المسلم ( 149/8 ، 150 ) والبخاري ( 147/4)
لون نار جهنم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (( أوقد علي النار ألف سنة حتي أحمرت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتي ابيضت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتي اسودت ، فهي سوداء مظلمة )) الترمزي ( صفة جهنم / الباب الثامن )
عمق جهنم وبعد غورها
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( إن الصخرة لتُلقي من شفير جهنم فتهوي سبعين عاما وما تقضي إلي قرارها )) رواه الترمذي ( جهنم / 2 )
طعام أهل النار
طعام أهل النار الضريع والزقوم ، وشرابهم الحميم والغسلين والغساق ، قال تعالى ( ليس لهم طعام إلا من ضريع ، لا يسمن ولا يغني من جوع )، والضريع شوك بأرض الحجاز يقال الشبرق. وهذا الطعام الذي يأكله أهل النار لا يفيدهم ، فلا يجدون له لذة ، ولا تنتفع به أجسادهم ، فأكلهم له نوع من أنواع العذاب وقال تعالى ( إن شجرت الزقوم، طعام الأثيم ، كالمهل يغلي في البطون ، كغلي الحميم ) ، وقال في موضع آخر ( أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم ، إنا جعلناها فتنة للظالمين ، إنها شجرة تخرج في اصل الجحيم ، طلعها كأنه رؤوس الشياطين ، فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ، ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ، ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) ، وقال في موضع آخر ( ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم ، فمالئون منها البطون ، فشاربون عليه من الحميم ، فشاربون شرب الهيم ، هذا نزلهم يوم الدين )ا ويؤخذ من هذه الآيات أن هذه الشجرة شجرة خبيثة ، جذورها تضرب في قعر النار ، وفروعها تمتد في أرجائها، وثمرها قبيح المنظر ولذلك شبهه برؤوس الشياطين ، ومع خبث هذه الشجرة وخبث طلعها ، إلا أن أهل النار يلقى عليهم الجوع ، بحيث لا يجدون مفرا من الأكل منها إلى درجة ملء البطون، فإذا امتلأت بطونهم أخذت تغلي في أجوافهم كما يغلي دردي الزيت، فيجدون لذلك آلاما مبرحة، فإذا بلغت بهم الحال هذا المبلغ اندفعوا إلى الحميم وهو الماء الحار الذي تناهى حره ، فشربوا منه كشرب الإبل التي تشرب ولا تروى لمض أصابها وعند ذلك يقطع الحميم أمعاءهم ( وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم )، هذه هي ضيافتهم في ذلك اليوم العظيم ، أعاذنا الله من حال أهل النار بمنه وكرمه
وإذا أكل أهل النار من هذا الطعام الخبيث من الضريع والزقوم غصوا به لقبحه وخبثه ( إن لدينا أنكالا وجحيما ، وطعاما ذا غصة وعذابا أليما )ا وقد صور الرسول صلى الله عليه وسلم شناعة الزقوم وفظاعته فقال : ( لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا ، لأفسدت علا أهل الأرض معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ومن طعام أهل النار الغسلين ، قال تعالى ( فليس له اليوم هاهنا حميم ، ولا طعام إلا من غسلين ، لا يأكله إلا الخاطئون) وقال تعالى ( هذا فليذقوم حميم وغساق وآخر من شكله أزواج )ا والغسلين والغساق بمعنى وحد ، وهو ما سال من جلود أهل النار من القيح والصديد ، وقيل ما يسيل من فروج النساء الزواني ومن نتن لحوم الكفرة وجلودهم، وقال القرطبي : هو عصارة أهل النار أما شرابهم فهو الحميم ، قال تعالى ( وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ) ، وقال ( وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ، وقال ( ويسقى من ماء صديد ، يتجرعه ولا يكاد يسيغه ) ، وقال ( هذا فيلذوقوه حميم وغساق )ا وقد ذكرت هذه الآيات أربعة أنواع من شراب أهل النار
الأول : الحميم وهو الماء الحار الذي تناهى حره
الثاني : الغساق ، وقد مضى الحديث عنه ، فإنه يذكر في مأكول أهل النار ومشروبهم
الثالث: الصديد وهو ما يسيل من لحم الكافر، وجلده ، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن على الله عهدا لمن شرب المسكرات ليسقيه من طينة الخبال . قالوا يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال : عرق أهل النار ، أو عصارة أهل النار )ا
الرابع : المهل ، وفي حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد والترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ( كعكر الزيت ، فإذا قرب وجهه سقطت فروة وجهه فيه . وقال ابن عباس في تفسير المهل : (غليظ كدردي الزيت )ا ومن أصحاب الذنوب من يطعمه الله جمر جهنم جزاء وفاقا ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا )، وقال ( إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ) ا لباس أهل النار
أخبر الحق سبحانه وتعالى أنه يفصل لأهل النار حلل من النار كما قال تعالى ( فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم ) ا
وكان ابراهيم التميمي إذا تلا هذه الآية يقول : سبحان من خلق من النار ثيابا
وقال سبحانه ( وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد ، سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار )ا
والقطران : هم النحاس المذاب . وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( النائحة إذا لم تتب قبل موتها ، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب )
لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى