الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله الأمين، محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.وبعــد..فهذا الجزء الرابع من صفة الصلاة فنقول وبالله التوفيق.....
فصل: في حكم البسملة: يتعلَّق بحكم البسملة مسائل: ________________________________ المسألة الأولى: هل هي آيةٌ من الفاتحة أوْ لا؟
اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
القول الأول: قالوا: هي آيةٌ من الفاتحة؛ لِتَرقيمها في المصحف على أنَّها آية من الفاتحة، وهذا مذهب الشافعية، قالوا: وهي آية من كلِّ سورةٍ عدا سورة ((براءة))، على الرَّاجح في مذهبهم.
القول الثاني: ليسَتِ البسملةُ في أوائل السُّور بآية، لا من الفاتحة، ولا من غيرها، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة وداودَ الظاهريِّ.
القول الثالث: قال أحمد: هي آيةٌ في أول الفاتحة، وليست بقرآنٍ في أوائل السُّوَر، وفي رواية عنه أنَّها ليست من الفاتحة، قال ابن قدامة: "وهي - (أي هذه الرواية هي) - المنصورة عند أصحابه، وقول أبي حنيفة ومالكٍ والأوزاعي"المغني" (1/ 480). .
_ورجَّحَ الشيخ ابنُ عُثَيْمِين القول الثاني، واستدلَّ القائلون بذلك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عن ربِّ العالمين قال: ((قسَمْتُ الصَّلاة بيْنِي وبين عبدي نصفَيْن، فإذا قال العبد: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ قال الله: حَمِدَني عبْدي، فإذا قال: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾، قال الله: أثنى عليَّ عبدي، فإذا قال: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾، قال الله: مجَّدني عبدي، فإذا قال: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾، قال الله: هذا بيني وبين عبدي، ولِعَبْدي ما سأل، فإذا قال: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)مسلم (395).
_ فلم يذْكر في الحديث البَسْملة، وكانت آيةُ ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ في وسط القِسْمة، وعلى هذا فتَكون الآية السَّادسة: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾، والسابعة: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾.
وأمَّا حديث أُمِّ سلمة رضي الله عنها: "أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قرأ في الصلاة: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ وعدَّها آيةً"أبو داود (4001)، والترمذي (2928)،وللحديث متابعة عند الإمام أحمد (6/ 288)، بها يتقوَّى الحديث دون ذكر البسملة؛ لأنَّها لم تَرِد في المتابعة. فهو حديث لا يصحُّ؛ لأنَّ فيه ابنَ جريج، وهو مدلِّس. ________________________________________ تنبيه: قال النووي: "أجْمَعَت الأمَّةُ على أنَّه لا يكفر مَن أثبتَها - (أي أثبت أنها آية من القرآن) - ولا مَن نفاها؛ لاخْتِلاف العلماء فيها، بِخِلاف ما لو نفى حَرْفًا مُجْمَعًا عليه، أو أثبت ما لم يَقُل به أحد، فإنَّه يكفر بالإجماع""المجموع" (3/ 334). .................................................. .................................................. ..............................
_المسألة الثانية: هل تجب قراءتها مع الفاتحة؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين: _____________ القول الأول: تجب قراءتها، وإلى ذلك ذهب كلُّ من يرى أنَّها آيةٌ من الفاتحة.
القول الثاني: أن قراءتها سُنَّة، وليست بواجب، وهذا رأي الآخَرين الذين يرون أنَّ البسملة ليست آيةً من الفاتحة. .................................................. .................................................. ................................. _المسألة الثالثة: هل يُجْهَر بها أم لا؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين: ____________________ القول الأول: يرَوْن الجهر بِها في الركعات الجهرية. والقول الثاني: يرَوْن أنه لا يُجْهَر بها الركعات الجهرية.
*قال ابنُ القيِّم: "كان النبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) تارة، ويُخفيها أكثر مِمَّا يَجْهر بها، ولا ريب أنَّه لم يَجْهَر بها دائمًا في كلِّ يوم وليلة خَمْس مرَّات حضرًا وسفرًا، ويَخْفَى ذلك على خلفائه الرَّاشدين، وعلى جُمهور أصحابه، وأهل بلده في الأعصار الفاضلة""زاد المعاد" (1/ 206 - 207). يعني لو لم يجهر بها مطلقا لأخبرنا الصحابة بذلك. .................................................. .................................................. ............................ 9- ثم يقول: "آمين": __________ والتأمين بعد الفراغ من الفاتِحَة سُنَّة لكلِّ مُصلٍّ، سواء الإمام والمأموم والمنفرد، والمفترض والمتنفِّل، في الصلاة السرِّية والجهرية.
ملاحظات: (1) إذا كانت الصلاة سرِّية أسَرَّ بالتأمين، وإن كانت جهرية استُحِبَّ الجَهْرُ بالتَّأمين.
(2) لو ترك الإمامُ التأمينَ عمدًا أو سهوًا، لا يتركه المأموم. لِما ثبت في الحديث أن النبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((إذا قال الإمام: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾، فقولوا: آمين))البخاري (782)، ومسلم (415)
(3) هل يَجْهر المأموم بالتأمين أم يُسِرُّ؟ الراجح أنه يَجْهر بالتأمين في الجهرية؛ لعموم قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي))، وقد ثبت عنه صلَّى الله عليه وسلَّم رفْعُ الصَّوت بالتأمين كما تقدَّم، وعن عطاء قال: "كنتُ أَسْمَع الأئمة - وذكر ابنَ الزَّبَيْر ومَن بعده - يقولون: آمين، ويقول مَن خلفه: آمين، حتَّى إنَّ للمسجد لَلَجَّةً . صحيح. "اللَّجَّةُ": ارتفاع الصوت.
(4) يُستَحَبّ أن يقع تأمين المأموم مع تأمين الإمام، لا قبله ولا بعده - قدر ما يستطيع - ودليل ذلك قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا قال الإمام: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾، فقولوا: آمين؛ فإنَّ الملائكة تقول: آمين، والإمام يقول: آمين، فمن وافقَ تأمينُه تأمينَ الملائكة، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه) صحيح.
(5) اعْلَم أن التأمين ليس من الفاتحة كما قد يتوهَّم بعض الناس، بل هو تأمينٌ على دعاء: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُستَقِيمَ ﴾ ومعنى كلمة آمين: "اللهم استَجِب".
(6) أفاد النوويُّ رحمه الله أنه لا يَصِل كلمة: ﴿ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ بكلمة: (آمين)، بل يقف عند نِهاية الآية ثم يؤمِّن.
(7) الْمُختار في نطق كلمة "آمِين" أن المقطع: (مِين) (الذي في آخر الكلمة) يمد حسب مد الإمام لخواتيم الآيات، أما المقطع: (آم) (الذي في أول الكلمة) فيقصر حركتين فقط، ولا يمد مدا زائدا عن الحد كما يفعل أكثر الناس، ويراعى كذلك تخفيف الميم، فلا يجوز تشديدها بأن نقولحزينةآمِّين)؛ لأنه يغيِّر المعنى فيكون معناه: (قاصِدين) كقول الله تعالى: ﴿ آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ﴾ [المائدة: 2]
10 - ثم يقرأ سورةً بعدها: وقراءة السُّورة سُنَّة (يعني مُستَحَبّة)، والدليل على ذلك ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال في وصف صلاة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم:
"في كلِّ صلاة يقرأ، فما أسْمَعَنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أسمَعْناكم، وما أخفى عنا أخفَيْنا، وإن لم تَزِد على أُمِّ القرآن - (أي: الفاتحة) - أجزَأت - (يعني صحت صلاتك) -، وإن زدْتَ فهو خير لك"البخاري (772)، ومسلم (396)، والنسائي (2/ 163).
*قال ابن قُدَامة رحمه الله: "لا نَعْلَم بين أهل العلم خلافًا في أنه يُسَنُّ - (يعني يُستَحَبّ) - قراءة سورة مع الفاتحة في الرَّكعتَيْن الأُوليَيْن من كلِّ صلاة، ويَجْهر بها فيما يَجهر فيه بالفاتحة، ويُسِرُّ فيما يسرُّ بِها فيه"[46]. _______________ ملاحظات: (1) إذا نسي وقرأ السُّورة قبل الفاتحة، أعادها بعد الفاتحة؛ لأنَّه ذِكْرٌ قاله في غير موضعه، فلم يُجْزِئ.
(2) الثابت من هَدْيِه صلَّى الله عليه وسلَّم أنه كان يقرأ في الفرائض السُّورة كاملة - على ما سيأتي تفصيله - لذا كان هذا هو الأفضل، لكن يجوز أن يقرأ آيات من أثناء السورة كما سيأتي. _____________________
_قال الشيخ عادل العزّازي: ثبت أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قرأ في ركعتي سُنَّة الفجر بعض آيات من السُّور، فهل يجوز ذلك في الفرض أيضاً قياسًا على النَّفل؟
*قال الشيخ ابن عُثَيْمِين رحمه الله: "والأصل: أنَّ ما ثبت في النَّفْل ثبت في الفرض إلاَّ لدليل - (يعني إلاَّ لدليل يفرق بين النافلة والفريضة) .
_ ويدلُّ لِهذه القاعدة أنَّ الصحابة رضي الله عنهم لَما حكَوْا أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يُوتِرُ على الراحلة، قالوا: "غير أنه لا يصلِّي عليها المكتوبة"، دلَّ ذلك على أنَّ المعلوم أن ما ثبت في النَّفل ثبت في الفرض""الشرح الممتع"
ثم قال: "لكن السنة والأفضل أن يقرأ سورة، والأفضل أن تكون كاملة في كلِّ ركعة، فإن شقَّ فلا حرج عليه أن يَقْسِم السُّورة بين الرَّكعتين؛ لأن النبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قرأ ذات يومٍ سورة "المؤمنون"، فلمَّا وصل إلى قصة موسى وهارون، أخذَتْه سَعْلَةٌ فركع" " الشرح الممتع" _______________
*قال الشيخ عادل العزّازي: ويدلُّ على ذلك قراءتُه سورة الأعراف في صلاة المغرب، فرَّقَها على الركعتين.
ومِمَّا يدلُّ على جواز قراءة بعض السُّورة: ما ثبت أن النبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يقرأ في الفجر من الستِّين إلى مائة آية البخاري (541)، ومسلم (461)
*قال ابن قدامة رحمه الله تعليقًا على ذلك: "دليلٌ على أنه لم يكن يقتصر على قراءة سورة ".
* ومن آثار السلف: _قرأ عُمَر في الرَّكعة الأولى بِمائة وعشرين آية من البقرة، والثانية بسورة المائدة،
_وقرأ ابن مسعود بأربعين آيةً من الأنفال، وفي الثانية بسورةٍ من المُفَصَّل (والمفصل يبدأ بسورة (الحجرات) وينتهي بسورة (الناس)على الصحيح). __________________________________
(3) إذا بدأ قراءته مِن وسط السُّورة فإنه لا يقرأ البسملة (يعني يستعيذ ثم يقرأ مباشرة)، وأمَّا إذا بدأ قراءته مِن أوَّلِ السورة ففيه خلافٌ بناءً على ما سبق تفصيله في حكم البسملة، والصحيح أنه لا يُستَحَبّ كذلك؛ لما تقدَّم من أنَّ القول الراجح أنَّ البسملة ليست آيةً من السورة.
_________________________
(4) لَم يثبت في السُّنة سكتة بين قراءة الفاتحة وقراءة السُّورة، والثابت سكتة بين التَّكبيرة والقراءة؛ لأجْل دعاء الاستفتاح، وسكتة بعد الانتهاء من القراءة قبل الرُّكوعأبو داود والترمذي، وابن ماجه
*وعلى هذا فإذا لم يسكت الإمام بعد قراءته للفاتحة وشرع في قراءة السورة التي بعدها مباشرة، فإن المأموم يقرأ الفاتحة ثم ينصت لما تبقى من قراءة الإمام. ________________________________________
(5) هل يَجْوز أن يقرأ أكثرَ من سورة في نفس الركعة الواحدة؟ أمَّا بالنِّسبة للنَّافلة، فجائز؛ لأنَّه ثبت أن النبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قرأ سورةَ البقرة والنِّساءِ وآل عمران في ركعةٍ في صلاة اللَّيل، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لقد عرفْتُ النَّظائر التي كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يَقْرن بينهنَّ - (يعني يجمع بينهن) - فذكَر عشرين سورةً من المفصَّل، سورتَيْن في ركعة"البخاري ، ومسلم.
_وأمَّا بالنِّسبة للفريضة،* فهناك خلاف بين أهل العلم، فيَرى بعض أهل العلم الاقتصارَ على سورةٍ واحدة؛ لأنَّه الثَّابتُ مِن فِعْله صلَّى الله عليه وسلَّم في الفرائض، ولأنه أمر مُعاذًا رضي الله عنه في صلاته بذلك، *ويرى آخَرون جواز ذلك؛ لِعُموم حديث ابن مسعود السابق، ولأنَّ ما يجوز في النافلة يَجوز في الفريضة إلا بدليل يفرق بينهما؛ "راجع كلام الشيخ ابن عُثَيْمِين السابق". .................................................. .................................................. ...............................
(6) الثابت من هَدْيِه صلَّى الله عليه وسلَّم إطالةُ الرَّكعة الأولى على الثَّانية. _وثبَتَ أنَّ الثانية تكون على النِّصف من الأُولى في بعض الصَّلوات، _وثبت أيضًا إطالةُ الأُوليَيْن، وأنَّهما متساويتان في القراءة، وأن الأُخْريَيْن على النِّصف منهما؛ لِما ثبَت في حديث أبي قتادة رضي الله عنه "أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليَيْن بفاتحة الكتاب وسورةٍ في كلِّ ركعة، وكان يُسْمِعنا الآية أحيانًا، وكان يطيل في الأولى ما لا يطيل في الثانية، وكان يقرأ في الرَّكعتَيْن الأخيرتَيْن بفاتحة الكتاب"البخاري ومسلم.
وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: "حزَرْنا - (يعني قدّرنا) - قيامَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الظُّهر والعصر، فحزرنا قيامه في الرَّكعتَيْن الأوليَيْن من الظُّهر بقَدْر ثلاثين آيةً قَدْر (ألم تنـزيل) السَّجدة، وحزرنا قيامه في الأُخْريين على النِّصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الأوليين من العصر على قَدْر الأخريين من الظُّهر، وحزرنا قيامه في الأخريين من العصر على النصف من ذلك"مسلم، وأبو داود. ______________________________
(7) المأموم لا يقرأ خلف إمامه في الجهريَّة إلاَّ فاتحة الكتاب فقط، وقد تقدَّم دليل ذلك، لكنْ إن كانت الصلاة سرِّية، أو كان لا يَسْمع قراءة الإمام في الجهرية، قرأ بعد الفاتحة.
(8) الصحيح أنه يجوز قراءةِ سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الظهر والعصر فقط؛ لِما تقدَّم من حديث أبي سعيد الخدري السابق.
(9) بالنسبة للمسبوق هل يقرأ سورةً بعد الفاتِحة فيما يقضيه من ركعات بعد تسليم الإمام، وكذلك هل يجهر إنْ فاتَتْه الركعات الجهريَّة مع الإمام وقام ليقضيها؟ فيه خلاف بين العلماء، والمسألة اجتهادية، فلا مانع من الأخْذ بأيٍّ من الرَّأيَيْن، والله أعلم.
والراجح عندي أنَّ ما أدركه مع الإمام هي الركعات الأولى له، فإذا سلَّم الإمامُ أتَمَّ صلاته؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((فما أدرَكْتُم فصلُّوا، وما فاتكم فأتِمُّوا)) .................................................. .................................................. ............................
(10) إذا فاتَتْه الصلاة وأراد قضاءها، فهل يُسِرُّ أم يَجْهَر؟ الجواب: أنَّ العِبْرة بوقت الصلاة التي سيقضيها (هل هي سرية أم جهرية)، وليست العبرة بالوقت الذي سيقضيها فيه، وعلى هذا فلو قضى الصَّلاة الجهريَّة نَهارًا جهَر، ولو قضى الصلاة السِّرِّية ليلاً أسرَّ، وقد تقدَّم دليلُ ذلك في مواقيت الصلاة. .................................................. .................................................. .............................
(11) السُّنة الإسرارُ في النوافل، إلاَّ ما ورد فيه دليلٌ بالجهر، كالاستسقاء والتَّراويح والخسوف ونحوها، وصلاة العيد عند مَن يرى أنَّها سُنَّة، ولكن إذا كان أحد الأشخاص يصلي النافلة، ثم جاء شخص آخر فوقف يصلي خلفه فهل يجهر - هذا الذي يصلي النافلة - بالقراءة أم لا؟
الجواب:سرية إذا كان يصلي النافلة الراتبة لصلاة (كسنة الظهر أو العصر) فإنه لا يجهر بالقراءة، أما إذا كان يصلي النافلة الراتبة لصلاة جهرية (كسنة المغرب أو العشاء أو الفجر) فله أن يجهر وله أن يسر، ويلاحظ أنه إذا جهر بالقراءة فإنه يجهر من حيث انتهت قراءته لحظة وقوف الشخص الآخر وراءه، فلا يعيد قراءة الفاتحة مرة أخرى. ________________________________
(12) اعْلَم أنَّ الإسرار بالقراءة لا يتحقَّق إلاَّ مع تَحْريك اللسان والشَّفتَيْن بالحروف، ويرى بعضُهم أن أقلَّه إسْماع نفسه، وفي حديث خبَّاب رضي الله عنه أنه سُئِل: كيف كنتم تعرفون قراءة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في السرِّية؟ قال: باضْطِراب لحيتهالبخاري وأبو داود ، وابن ماجه. يعني بتحرك لحيته، وهذا دليل على أنه كان يحرك لسانه وشفتيه أثناء القراءة.
**وعلى هذا؛ فما يفعله بعض المصلِّين من الوقوف صامتين مُطْبقي الشِّفاه لا يحرِّكونها، لا يصحُّ، ولا تصحُّ قراءتهم فيما يُجْرونَها على قلوبِهم! _______________________________
(14) يجوز تكرير نفس السُّورة في الركعتين؛ لما ثبت عن رجلٍ من جُهَينة أنَّه "سَمِع النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقرأ في الصبح: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 1] في الركعتين كلتَيْهما"، قال: "فلا أدري أنَسِي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أم قرأ ذلك عمدًا"صححه الشيخ الألباني _________________________________________
(15) السُّنة الوقوف عند كلِّ آية، ويمدُّ بها صوتَه : [56] في صحيح البخاري باب فضائل القرآن (5046)، قال: سئل أنس: كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم ؟ قال: "كانت مدًّا، ثم قرأ: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ يمدُّ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ ﴾، ويمد ﴿ الرَّحْمَنِ ﴾، ويمد ﴿ الرَّحِيمِ ﴾، _ وأخرجه أحمد (6/ 302)، وأبو داود (4001)، والترمذي (2927)، من حديث أم سلمة قالت: "كانت قراءة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾، ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾، ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ يُقَطِّع قراءته آيةً آية، وصحَّحه الدارقطني، والحاكم
_يعني لا يقتصر على مد نهاية الآية حركتين فقط بل يمدها أكثر من ذلك (4 أو 6 حركات))، وثبَت عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنه كان إذا قرأ ﴿ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ﴾ [القيامة: 40] قال: "سبحانك، فبَلى"صححه الألباني
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا قرأ ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1] قال: "سبحان ربي الأعلى"صحيح:
_وسواءٌ في ذلك الفريضة والنافلة، وقد روى ابنُ أبي شيبة أنَّ أبا موسى الأشعري والمغيرة كانا يقولون ذلك في الفريضة. _______________________ تنبيه: _وأما قول: (سبحانك فبلى) بعد قول الله تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِين ﴾، وكذلك قول: (لا إله إلا الله) بعد قول الله تعالى: (أَءِلَهٌ مع اللهٌ)، وكذلك أيضا قول: (صلَّى الله عليه وسلَّم) بعد قول الله تعالى: (محمد رسول الله)، وغير ذلك فكل هذا ليس عليه دليل. ______________________________
*ولكن ثبث أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما صلى صلاة الليل كان إذا مر بآية فيها سؤال سأل *كأن يمر المصلي بآية فيها ذكر الجنة أو ما شابه ذلك من طلب الرحمة والمغفرة فيقول: اللهم إني أسألك الجنة, *وكان إذا مر بآية فيها تعوذ استعاذ (كأن يمر المصلي بآية فيها ذكر النار أو ما شابه ذلك من العذاب فيقول: اللهم إني أعوذ بك من النار)، *وإذا مر بآية فيها تنزيه لله تعالى سبح، كأن يمر المصلي مثلا بقول الله تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ﴾ فإنه يقول: (سبحان الله)[59]، *وقد تقدم أنه ما يجوز في النافلة يَجوز في الفريضة إلا بدليل يفرق بينهما، والله أعلم. __________________________________________________ ______________ هذا ونكمل الجزء القادم باذن الله والحمد لله رب العالمين ,
لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى